|Read later

هل توفر منظومة التعليم في وقتنا الراهن مهارات المستقبل؟

بقلم قال جيفري ألفونسو، الرئيس التنفيذي بالإنابة لـ "ألف" أول برنامج للتعليم في العالم قائم على التكنولوجيا التحويلية ومدعوم بالذكاء الاصطناعي. يمثل تطوير منظومة التعليم والارتقاء بمخرجاتها لتكون قادرة على تسليح الطلاب بالإمكانات والمهارات اللازمة في المستقبل أحد أبرز التحديات الراهنة، لا سيما في ظل الدور المتنامي للتكنولوجيا الذكية في حياتنا اليومية وتولّي الآلة لمعظم المهام الروتينية في بيئات العمل، وما يفرضه ذلك من حاجة ملحة لتعزيز المهارات البشرية التي لا يمكن للآلة القيام بها.

ويدفعنا ذلك للتساؤل، ما هي المهارات الواجب اكتسابها؟ وهل المنظومة التعليمية الحالية قادرة على رفد الطلاب بالمهارات اللازمة لدخول أعمال غير موجودة بعد وتأهيلهم لاستخدام تكنولوجيا لم تخترع؟ أو لحل مشاكل لا نعرف ماهيتها حتى الآن؟
تبرز من هنا ضرورة استكشاف مفاهيم جديدة وتطبيقها ضمن المنظومة التعليمية كأكثر الحلول نجاعة لمواجهة هذه التحديات. وفي حين أن قطاع الصناعة يواصل مسيرة التحول ليواكب المشهد التكنولوجي سريع التغير، مدفوعاً بالثورة الصناعية الرابعة، فإن قطاع التعليم ما زال عليه اللحاق بركب الثورة التكنولوجية الجديدة.
في دراسة أجراها مؤخراً "نظام إدارة التعلم" الذي يتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً له، وشملت 2,846 مهنياً ومتخصصاً في مجال التعليم من 89 دولة، وجد الباحثون أن المدرسين والإداريين في المؤسسات التعليمية يتفقون تماماً على أن تطور مستقبل قطاع التعليم يحتاج إلى تبني الفكر الإبداعي وحب الاستطلاع والمعرفة والمرونة الفائقة.
وعلى أي حال، فإن أحد أبرز النتائج الثلاث التي كشفتها الدراسة وجدت أن الأساليب التدريسية التلقينية ما زالت ثابتة ولم تتغير. وبمعنىً آخر، فإن هذه الوسائل التي يستخدمها المدرسون لتقديم المعلومات لطلابهم ماتزال تفتقر لتفاعلهم، وتقوم بدفع المعلومات في اتجاه الطالب ولا تتيح له أي شكل من أشكال الانخراط في عملية تعلمه.
وتميل هذه النتائج للإشارة أن المدارس تتجه لمجرد رقمنة عملية التعليم التقليدي بدلاً من النظر إلى فاعلية التعليم بحد ذاته. وتخلق هذه المنظومة غالباً طلاباً اتكاليين، يعتمدون على مدرسيهم والنظام المدرسي لاكتساب مهارات جديدة. لذلك نجد هذه النظم التعليمية لا تصقل مهارات التعلم والبناء الذاتي، ولا تعزز تعطش الطلاب لاستقاء المعرفة وقدرتهم على التفاعل البنّاء مع العملية التعليمية.
ويتجه الخبراء إلى رأي واحد، بأن مسيرة تبني المناهج التعليمية الجديدة تحتاج إلى دفع الممارسات المبتكرة بدعم من التكنولوجيا الملائمة - وهي المطلوبة للعمل علی مستوى البنیة التعليمية الأساسیة والتربوية والمجال التعليمي والطالب بحد ذاته.
إن إيجاد الحالة المثلى من التناغم بين التكنولوجيا والتعليم أمر حاسم للغاية. ولا شك أن إجراء الأبحاث والتعلم التطبيقي ما زالت عناصر مؤثرة. لكن يجب تسخير الأجهزة المتطورة، والمدرسين المساعدين وبرامج التعلم عن طريق اللعب، وغيرها من الأساليب المبتكرة لتحسين عملية التدريس كمزايا مضافة.
ومن الضروري أخذ قضية أخرى بعين الاعتبار، وهي أن رقمنة منظومة التعليم قد تدفع الطلاب إلى تمضية وقت طويل في استخدام التكنولوجيا، أكثر مما يمضونه في عملية التعلم.
ولا يمكن لأحد أن ينكر حقيقة أن التكنولوجيا والأجهزة الذكية والانترنت نقلت حياتنا إلى مرحلة لم نكن حتى لنتخيلها منذ سنوات مضت، وتواصل تطورها بوتيرة متسارعة يوم بعد آخر. ومن جانب آخر، يتوجب علينا إدراك الآثار الناجمة عن دفع الأطفال في الصفوف الدراسية لاستخدام هذه الأجهزة، بدون وضع منظور جديد للبيئة التعليمية بالكامل، التي يجب أن تكون مصممة خصيصاً وفق مفاهيم مبتكرة تعزز تعلم الطفل وتنمّي ملكته المعرفية.
ويجب على المدرّسين إيجاد طرق فعّالة لاستخدام التكنولوجيا في الصفوف الدراسية، لتطبيق أحدث الممارسات التربوية التي تستشرف المهارات المطلوبة في المستقبل. كما يجب على واضعي المناهج زيادة تركيزهم على محتوى المعرفة التكنولوجية التربوية التي تثمر نتائج تعليمية فعّالة.
إن بيئات عمل المستقبل تحتاج كوادر عاملة متعاونة قادرة على إبداع حلول مبتكرة للمشاكل التي تواجهها، ولن يكون آنذاك التعلم مدى الحياة مجرد خيار، بل ستكون المهارات المعرفية و"الناعمة" أو الاجتماعية، مثل حل المشاكل المعقدة، والصفات الشخصية، ومهارات التواصل، لها دورها الهام في تمكين الأفراد من استيعاب المعرفة بسرعة أكبر كعنصر حيوي للتكيف مع الفرص الجديدة.
وفي المقابل، يظهر أن المحتوى التقليدي القائم على المعرفة، هو نموذج يحتاج نقلة تربوية ليتحول إلى منظومة ترتكز على نقل المعرفة إلى الطالب بأسلوب مبتكر، يكون فيها بحاجة للإبداع الذاتي والتفكير الاستراتيجي لوضع حلول للمشاكل التي تواجهه، مع تركيز على تجربة تعليمية مخصصة وتجريبية. كما يجب منح الطلاب دوراً أكبر في عملية التعلم وما يكتسبونه من معارف لتطوير مهاراتهم في التحصيل العلمي. ومن الضروري أيضاً أن تواصل المنظومة التعليمية مساعدة الطلاب على التفكير بشكل أفضل بما يثمر جيلاً يزدهر في عالم باتت فيه مهارات حل المشكلات، والتفكير النقدي، والإبداع، والتعاون، والذكاء العاطفي ركائزاً للتقدم والازدهار.
لذلك، فإن الحصول على الحلول التعليمية مثل "ألف"، أول برنامج للتعليم في العالم قائم على التكنولوجيا التحويلية ومدعوم بالذكاء الاصطناعي، سيكون بمثابة تحول جذري في قطاع التعليم. فمنذ إطلاق "ألف" وغيرها من الحلول المماثلة، تمكّن المعلمون من تخصيص الحصص الدراسية لتوائم احتياجات التعلم لدى الطلاب، في الوقت الذي يتاح لهم إجراء تحليل لجهود الطلاب وتطورهم الأكاديمي.
ولا تقتصر أهمية هذه الحلول التعليمية على منح المعلمين حرية أكبر فحسب، بل تمنحهم أيضاً المزيد من الوقت للتركيز على جلسات فردية وجماعية مع الطلاب الذين يبذلون جهوداً حثيثة لتعميق معارفهم، ورصد التطور الفردي لكل طالب بدقة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تخصيص التعليم، والتعلم عن طريق اللعب، وعناصر التعلم المصغر لحلول مثل "ألف" تمكّن الطلاب من استيعاب الأفكار والدروس على مراحل، وبعناية فائقة تتناغم فيها المهارات والشخصية والمعرفة عبر الموضوعات التعليمية وضمنها.
إن مثل هذه الحلول التعليمية تتبنى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتقديم رحلة تعليمية وفق مفاهيم مبتكرة تستشرف مستقبلاً غير مألوف، وتواصل إحداث نقلة ثورية في مجمل العملية التعليمية، وتسلح الطلاب بمهارات تجعلهم على أتم الاستعداد لخوض تحديات المستقبل.